مع اقتراب نهاية العام، يشهد سوق السيارات المستعملة في أوروبا، خاصة في فرنسا وألمانيا، تراجعاً واضحاً في الأسعار، مما يفتح الباب أمام فرص شراء أفضل للمستهلكين. في فرنسا، انخفض متوسط سعر سيارات الديزل المستعملة إلى نحو 17,324 يورو في سبتمبر 2025، بتراجع يصل إلى 966 يورو مقارنة بالعام الماضي، بينما بلغ سعر سيارات البنزين 17,937 يورو بانخفاض 670 يورو. أما السيارات الكهربائية، فقد سجلت أكبر هبوط عند 23,214 يورو، أي أقل بما يقارب 10 آلاف يورو عن مستويات 2023. في ألمانيا، تراوحت الأسعار بين انخفاض 1,000 و1,500 يورو شهرياً، مع تأثر خاص للكهربائيات التي حافظت على قيمة إعادة بيع بنسبة 37.1% فقط بعد ثلاث سنوات. هذا الاتجاه ليس محلياً، إذ أشارت بيانات أوتوفيستا إلى انخفاض عام في قيم الاحتفاظ بالسيارات المستعملة بنسبة تصل إلى 3.5 نقاط مئوية في فرنسا و1.7 في ألمانيا خلال يونيو الماضي.
يُعزى هذا الانخفاض إلى عدة عوامل مترابطة، أبرزها الركود الموسمي الصيفي والتوسع السريع في عرض السيارات الكهربائية والهجينة، الذي قفز من 7 آلاف وحدة قبل ثلاث سنوات إلى 45 ألفاً اليوم في فرنسا وحدها. كما ساهمت المنافسة الشديدة من الشركات الصينية مثل “بي واي دي” وتخفيضات تسلا في خفض الأسعار، إضافة إلى مخاوف المشترين من تدهور بطاريات الكهربائيات مع الاستخدام، مما يقلل من قيمتها بنسبة تصل إلى 30 ألف يورو في بعض الحالات. في ألمانيا، أدى ارتفاع أسعار السيارات الجديدة بنسبة 6.9% سنوياً إلى دفع بعض المشترين نحو السوق المستعملة، لكن الطلب الضعيف على الكهربائيات، رغم زيادة المبيعات بنسبة 11.8% شهرياً، يستمر في الضغط على الأسعار. وفقاً لتقارير أوتو1، انخفضت الأسعار الجملة بنسبة 1.5% في يناير 2025، مع توقعات 44% من التجار باستمرار الهبوط طوال العام.
رغم التراجع، تختلف التوقعات حول مستقبل السوق الأوروبي، حيث يتوقع بعض الخبراء عودة النمو بنسبة 5% قريباً بفضل نقص الإمدادات مقارنة بما قبل كوفيد، كما يشير تقرير من باين آند كومباني. في إسبانيا، على سبيل المثال، ارتفع متوسط سعر السيارة المستعملة ذات الثلاث سنوات بـ266 يورو في يناير، مدعوماً باقتصاد قوي، بينما في بريطانيا يُتوقع ارتفاع في فئات السيارات الهجينة والكهربائية بنسبة 21.4% من التوقعات. أما في فرنسا وألمانيا، فإن الاتحاد الأوروبي لصناعة السيارات (أسيا) يحذر من تباطؤ عام في السوق بنسبة 1% في النصف الأول من 2025، مع زيادة في مبيعات الكهربائيات بنسبة 25% لكن مع ضغوط على القيمة المتبقية. يُبرز إلياس جلال، خبير في السوق الأوروبي، أن هذا التقلب الموسمي قد يكون مؤقتاً، لكنه يعكس تحولاً نحو التركيز على نوع المحرك ومدة الحياة الافتراضية للسيارة.
يأتي هذا الهبوط كفرصة ذهبية للمستهلكين الأوروبيين، خاصة مع تشجيع الحكومات للانتقال إلى السيارات الصديقة للبيئة، لكنه يثير تحديات لشركات التأجير التي تواجه خسائر في القيمة المتبقية. كما يؤثر إيجاباً على الأسواق المجاورة مثل شمال أفريقيا، حيث يزداد الطلب على السيارات الأوروبية المستعملة بسبب ارتفاع أسعار الجديدة محلياً، رغم الرسوم الجمركية الإضافية. ومع ذلك، يحذر الطاهر عباري، وسيط بيع في باريس، من أن السيارات الألمانية تظل الأكثر طلباً بفضل متانتها، مما يجعل الاختيار يعتمد على التوازن بين السعر والجودة.
في الختام، يُعد سوق السيارات المستعملة في 2025 شاهداً على تحولات اقتصادية وبيئية أوسع، حيث يُتوقع أن يصل حجم السوق الأوروبي إلى 73.32 مليار دولار بحلول 2030 بنمو سنوي 4.42%، وفقاً لموردور إنتليجنس. يُنصح المشترون بفحص حالة البطارية للكهربائيات والانتظار حتى بداية العام الجديد للاستفادة من العروض، مع الحرص على الاستدامة في اختياراتهم.