تشهد تيك توك موجة جدل في ألمانيا بعد إعلانها عن خطة لتسريح 150 موظفًا من فريق الأمان والثقة في برلين، والذي يتولى مراقبة المحتوى الضار. هذا القرار يأتي ضمن استراتيجية عالمية للشركة تهدف إلى الاعتماد بشكل أكبر على الذكاء الاصطناعي ومقاولين خارجيين بدلاً من المراقبين البشريين. أثار هذا القرار احتجاجات وإضرابات من موظفي الشركة، الذين يطالبون بفترات إشعار أطول وتعويضات عادلة.
الفريق في برلين، الذي يخدم حوالي 32 مليون مستخدم ناطق بالألمانية، يراجع يوميًا ما يصل إلى 1000 مقطع فيديو للتأكد من خلوها من المحتوى الضار مثل العنف أو المعلومات المغلوطة. لكن تيك توك، بحسب تصريحات المتحدثة باسمها آنا سوبيل، تسعى إلى “تبسيط سير العمل وتحسين الكفاءة” من خلال أنظمة ذكاء اصطناعي متقدمة. النقابة الألمانية ver.di، التي تمثل الموظفين، أكدت أن الشركة رفضت التفاوض حول مطالبها، مما دفع إلى تنظيم إضرابين دون استجابة حتى الآن.
هذه الخطوة ليست جديدة. خلال العام الماضي، قلّصت تيك توك فرق الأمان والثقة في عدة دول. في هولندا، تم تسريح 300 موظف في سبتمبر، وفي ماليزيا، استبدلت الشركة حوالي 500 مراقب محتوى بأنظمة ذكاء اصطناعي، وفقًا لرويترز. هذه التغييرات تأتي رغم تعهد الرئيس التنفيذي شو زي تشو أمام الكونغرس الأمريكي في 2024 باستثمار أكثر من ملياري دولار في فرق الأمان العالمية، التي تضم أكثر من 40,000 موظف.
الاعتماد على الذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات. من جهة، تؤكد تيك توك أن الأنظمة الآلية ستحسن الكفاءة في اكتشاف المحتوى المخالف، لكن خبراء يشيرون إلى أن الذكاء الاصطناعي قد يفشل أحيانًا في فهم السياقات الثقافية أو السخرية، مما يتطلب تدخلًا بشريًا. في المقابل، يقلل الذكاء الاصطناعي من تكاليف التشغيل، مما يجعله خيارًا جذابًا للشركات الكبرى.
في ألمانيا، التي تعد مركزًا رئيسيًا لتيك توك بـ 400 موظف، يمثل تسريح 150 شخصًا خسارة كبيرة للقوى العاملة المحلية. النقابات تواصل الضغط للحصول على تعويضات، لكن الشركة تبدو مصرة على خطتها.
هل سيتمكن الذكاء الاصطناعي من الحفاظ على أمان منصة تضم ملايين المستخدمين؟ أم أن التوازن بين التكنولوجيا والعامل البشري سيظل ضروريًا؟ الإجابة قد تظهر مع استمرار هذه التغييرات في الانتشار عالميًا.