يشهد تيك توك في مصر انتشارًا هائلًا، حيث يستخدمه أكثر من 41 مليون شخص، معظمهم من الشباب بين 18 و30 عامًا، وفقًا لتقارير حديثة من DataReportal ومصادر محلية. هذا الرقم يجعل مصر واحدة من أكبر أسواق التطبيق في الشرق الأوسط، حيث أصبح منصة رئيسية للتعبير عن الذات، من الفيديوهات الكوميدية إلى الرقصات والتحديات الإبداعية. لكن هذا النمو السريع أثار جدلًا حول تأثير المحتوى على القيم الثقافية والاجتماعية في البلاد.
تيك توك، بفضل خوارزميته الذكية، يقدم محتوى مخصصًا يجذب المستخدمين، خاصة جيل الشباب الذين يقضون حوالي 3 ساعات يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي، وفقًا لـ Arab Finance. من جهة، يُعتبر التطبيق مساحة للإبداع، حيث يمزج بين الثقافة المصرية التقليدية والاتجاهات العالمية، من فيديوهات تعليمية إلى مقاطع تعكس الفكاهة المحلية. لكن من جهة أخرى، يرى البعض أن بعض المحتوى يتعارض مع القيم المحلية، مما دفع السلطات لتكثيف الرقابة.
في أغسطس 2025، أصدرت الهيئة القومية لتنظيم الاتصالات (NTRA) مهلة 3 أشهر لتيك توك لتعديل محتواه بما يتماشى مع “القيم المصرية”، بعد اجتماع مع ممثلي المنصة وأعضاء لجنة الاتصالات بمجلس النواب. الحكومة أكدت أنها لا تسعى لحظر التطبيق، بل لتنظيمه، مع التركيز على حذف المحتوى المخالف. ووفقًا للنائب أحمد بدوي، أُزيلت ملايين الفيديوهات المخالفة مؤخرًا، مما يعكس جدية الإجراءات.
الجدل حول تيك توك ليس جديدًا. فقد أثارت قضايا مثل توقيف صانعي محتوى بتهم “انتهاك القيم العائلية” أو “نشر أخبار كاذبة” نقاشات واسعة. على سبيل المثال، تم توقيف عدد من المؤثرين، بمن فيهم نساء، بسبب فيديوهات اعتُبرت غير لائقة، مما أثار انتقادات حول استخدام قوانين فضفاضة لتقييد حرية التعبير. ومع ذلك، يرى البعض أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية الهوية الثقافية في ظل انتشار محتوى قد يُعتبر هابطًا.
على الجانب الإيجابي، يُعتبر تيك توك جسرًا يربط بين مختلف الشرائح الاجتماعية في مصر، من الأغنياء إلى الفئات الأقل دخلًا، مما يخلق فضاءً رقميًا فريدًا. ووفقًا لـ The Conversation، يتيح التطبيق تفاعلات غير مسبوقة بين هذه الفئات، مما يعزز الحوار الثقافي، لكنه يثير في الوقت ذاته مخاوف الحكومة من تأثيره على الاستقرار الاجتماعي.
مع اقتراب انتهاء المهلة، يبقى السؤال: هل سيتمكن تيك توك من تحقيق التوازن بين حرية التعبير والامتثال للقوانين المحلية؟ المنصة تواجه تحديًا كبيرًا في الحفاظ على شعبيتها مع تلبية توقعات الحكومة. في النهاية، يظل تيك توك مرآة تعكس تنوع المجتمع المصري، بإيجابياته وتحدياته.