أطلقت أمازون مؤخرًا 24 قمرًا صناعيًا جديدًا ضمن مشروعها “كايبر”، ليصل إجمالي عدد الأقمار الصناعية في المدار إلى 102، في خطوة تهدف إلى منافسة “ستارلينك“، شبكة الإنترنت الفضائي التابعة لشركة سبيس إكس بقيادة إيلون ماسك. هذا الإنجاز، رغم رمزيته، يضع أمازون في بداية طريق طويل للوصول إلى هدفها المتمثل في نشر 3236 قمرًا صناعيًا لتوفير إنترنت عالي السرعة عالميًا، خاصة في المناطق النائية التي تفتقر إلى الاتصال الثابت بالإنترنت.
اللافت في هذا الإطلاق هو استخدام أمازون لصاروخ “فالكون 9” التابع لسبيس إكس، الشركة المنافسة مباشرة، لإيصال أقمارها إلى المدار المنخفض. هذه الخطوة تعكس الديناميكيات المعقدة لسوق الإنترنت الفضائي، حيث تتشارك الشركات أحيانًا الموارد رغم التنافس الحاد. ووفقًا لتقارير موثوقة، تعتزم أمازون إطلاق أقمارها عبر 83 عملية إطلاق مقررة، بما في ذلك استخدام صواريخ “أريان 6” الأوروبية، التي من المقرر أن تبدأ مهامها في منتصف أغسطس 2025.
مشروع كايبر، الذي أُعلن عنه عام 2019 باستثمار يُقدر بـ10 مليارات دولار، يهدف إلى توفير إنترنت منخفض التأخير للمستهلكين والشركات والحكومات في المناطق التي يصعب الوصول إليها. ومع ذلك، تواجه أمازون تحديات كبيرة، أبرزها متطلبات هيئة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية (FCC) التي تشترط نشر 1618 قمرًا صناعيًا بحلول يوليو 2026. هذا يعني أن الشركة بحاجة إلى تسريع وتيرة عمليات الإطلاق بشكل كبير خلال الشهور القادمة.
في أوروبا، حيث حصلت أمازون على موافقة الجهات التنظيمية مثل هيئة تنظيم الاتصالات الفرنسية، يُعتبر السوق واعدًا مع وجود حوالي 40 مليون أسرة تفتقر إلى الإنترنت عالي السرعة. أمازون تخطط لتقديم ثلاثة مستويات من الخدمة، بسرعات تصل إلى 1 جيجابت في الثانية، مع أجهزة استقبال صغيرة الحجم بأسعار تقل عن 400 دولار، مما قد يشكل ميزة تنافسية مقارنة بستارلينك التي تملك حاليًا أكثر من 8000 قمر صناعي و5 ملايين مشترك.
على الرغم من الفارق الكبير بين أمازون وستارلينك من حيث عدد الأقمار الصناعية، إلا أن كايبر يراهن على دمج خدماته مع نظام أمازون الإيكولوجي، مثل خدمات الحوسبة السحابية (AWS)، لتقديم حلول متكاملة للشركات والمستهلكين. كما أن الشركة بدأت في بناء منشأة لمعالجة الأقمار الصناعية في مركز كينيدي للفضاء بفلوريدا، مما يعزز قدرتها على تسريع الإنتاج والإطلاق.
المنافسة بين كايبر وستارلينك لن تقتصر على التكنولوجيا فحسب، بل ستشمل أيضًا الأسعار وسهولة الوصول إلى الخدمة. مع وجود مليارات الأشخاص حول العالم بدون إنترنت موثوق، يبدو أن هناك متسعًا للجميع في هذا السوق الواعد. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستتمكن أمازون من تقليص الفجوة مع ستارلينك قبل المواعيد التنظيمية الحاسمة؟