تخيّل أن تستقل طائرة من نيويورك إلى لوس أنجلوس في زمن لا يتجاوز ثلاث ساعات! هذا الحلم قد يصبح حقيقة قريبًا في الولايات المتحدة، بعد قرار تنفيذي جديد يُعيد السماح برحلات الطيران التجارية الأسرع من الصوت فوق الأراضي الأمريكية بحلول عام 2027. هذا القرار يُنهي حظرًا دام عقودًا، ويفتح الباب أمام ثورة في عالم الطيران التجاري، مع تقليص زمن السفر بين المدن الكبرى إلى النصف تقريبًا.
في الماضي، وتحديدًا عام 1973، فرضت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية (FAA) حظرًا على هذه الرحلات بسبب الضوضاء الصاخبة التي تُسببها الطائرات الأسرع من الصوت، والتي كانت تُعرف بـ”الطفرة الصوتية”. لكن التكنولوجيا تطورت بشكل كبير، واليوم تُسابق شركات مثل “بوم سوبرسونيك” و”لوكهيد مارتن” الزمن لتقديم طائرات تتجاوز سرعة الصوت دون إزعاج سكان الأرض. ففي يناير 2025، اقتربت طائرة “XB-1” من “بوم سوبرسونيك” من كسر حاجز الصوت بسرعة 0.95 ماخ، بينما أثبتت طائرة “X-59” التابعة لناسا ولوكهيد مارتن قدرتها على الطيران بسرعة 1.42 ماخ (حوالي 1760 كم/س) مع تقليل الضوضاء بشكل ملحوظ.
الطائرة “X-59″، التي طورتها ناسا بالتعاون مع لوكهيد مارتن، تتميز بتصميم أنيق يبلغ طوله 30 مترًا، مع أجنحة على شكل سهم تُسهل اختراق الغلاف الجوي. هذه الطائرة مجهزة بنظام رؤية خارجي عالي الدقة ومحرك واحد في ذيلها، مما يجعلها تنتج ضوضاء منخفضة جدًا مقارنة بالطائرات الأسرع من الصوت القديمة. ووفقًا لموقع ناسا، تهدف هذه الطائرة إلى جمع بيانات حول قبول المجتمعات للضوضاء المنخفضة، مما قد يُسرّع من اعتماد هذه التكنولوجيا تجاريًا.
أما طائرة “XB-1” من “بوم سوبرسونيك”، فهي تُراهن على سرعة تصل إلى 1.7 ماخ (حوالي 2082 كم/س) وسعة تتراوح بين 60 إلى 80 راكبًا. هذه الطائرة، المصنوعة من الكربون والتيتانيوم، تستفيد من ديناميكيات هوائية متقدمة وإلكترونيات طيران متطورة. ووفقًا لموقع “Aviation Week”، تخطط الشركة لإطلاق طائرة تجارية أكبر تُسمى “Overture” بحلول 2030، قادرة على نقل الركاب عبر المحيطات بسرعة فائقة.
لكن التحديات لا تزال قائمة. فالجدول الزمني الطموح لتطبيق المعايير الجديدة بحلول يونيو 2027 يتطلب جهودًا كبيرة لضمان الامتثال لمعايير الضوضاء والسلامة، كما أشار موقع “Space.com“. كما أن التكاليف المرتفعة لتطوير هذه الطائرات قد تُحدّ من إتاحتها للجمهور العام في البداية، لكن الشركات متفائلة بأن هذه التكنولوجيا ستُغير قواعد السفر الجوي.
باختصار، عودة الطيران الأسرع من الصوت تُبشر بمستقبل مثير للسفر الجوي. سواء كنت تخطط لرحلة عمل سريعة أو عطلة مريحة، قد تصبح الرحلات بين المدن الأمريكية أسرع وأكثر كفاءة قريبًا. فهل أنت مستعد لتجربة السفر بسرعة الصوت؟